ورد في (معجم البلدان) لياقوت
الحموي ان هذا المكان كان موقعاً لدير عظيم بني في زمن الدولة العباسية يسمى ب (دير الزَنْدوَرْد)..وكان مكانا
جميلا فيه من البساتين وعرائش الكروم ما جعله مكانا لنزهة واستراحة أهالي بغداد على اختلاف دياناتهم وأطيافهم ... حتى ان ابا نواس قال فيه
واسقِني من كرومِ الزنْدِوَردِ ضُحَىً ****** ماءَ
العناقيد في ظل العناقيد
لكن وبسبب الفيضانات
المتعاقبة لنهر دجلة اندثر هذا الدير ولم
يبقى منه اثر ..واصبح المكان ملكاً لشخص
اسمه مصطفى أغا ثم اشتراه الحاج عبد الرحّمن الأورفه لي وأنشأ عليه بستاناً عامراً، وعرفت الأرض هذه بـ
(الأورفلية). وتمتد حدودها من شارع سينما السندباد امتدادا الى شارع (ابو
نواس) الحالي ..
تقدمت جمعية أخوات
المحبة الفرنسيات لطائفة اللاتين الكاثوليك بطلب لإنشاء دير في المكان نفسه بعد
ان انتبه
احد المستشرقين الفرنسين الى حقيقة
المكان ..وعندما عُرض مشروع بناء (الدير) من قبل هذه الجمعية لم يتردد الحاج عبد
الرحمن الأورفه لي في إهداء (قطعة) من ارض البستان الى الجمعية، وباشرت شركة
معمارية فرنسية البناء مطلع العشرينات، وكان البناء على غرار دير قديم كان
الفرنسيون قد بنوه في القرن التاسع عشر في منطقة (عگد النصارى) وأسموه (دير راهبات
التقدمة المركزي) او الكوليج دي سانترينو. وتذكر صحف تلك الأيام أن الماسيرة جوزيف
كانت هي المشرفة على بناء الدير، وكان يتكون في أول أمره من سرداب ومبنيين، أحدهما
يطل على موقع جسر الجمهورية الحالي وكان مخصصاً كدير، والآخر كان يطل على جهة شارع
السعدون الحالي كمدرسة للراهبات، وأما السرداب فكان مكاناً لمعيشتهن. ورغم ان
الشركة المنفذة والمخططة هي شركة فرنسية فان بناء المدرسة يغلب عليه الطابع الكُنسي ذو
النكهة البغدادية وهوعبارة عن مربع منقوص الضلع تتوسطه حديقة تستخدم كساحة لمختلف
النشاطات الطلابية..و البناء من اقواس صغيرة تستند الى أعمدة اسطوانية صغيرة القطر
تأتي خلفها الصفوف الدراسية المبنية بالطابوق الجمهوري و من الملاحظ ان سُمك الجدران
في عموم البنايات يقترب من نصف المتر وفيه عدد من (الروازين) التي تستخدم للنشرات
الجدارية او للخزن و شكل البناء بهذا الأسلوب يوفر عزلاً حرارياً عالياً صيفاً
وشتاءً.
بعد ذلك أضافوا للمبنى
طابقين آخرين وأبنية جانبية ملحقة ليتم افتتاح (مدرسة راهبات التقدمة) التي اشتملت
على روضة وابتدائية وثانوية، وكانت السيدة (إميلي رزق الله) اول مديرة للروضة ثم
لم تلبث ان أصبحت مديرة للمدرسة بروضتها وابتدائيتها وثانويتها، وكان الكادر
التعليمي من الراهبات الأجنبيات والمحليات ممن حصلن على تعليم متقدم ...
بعد عشر سنوات من دخول الانكليز العراق اتخذوا القاعة العليا المطلة
على شارع الجسر ككنيسة) لهم اسموها كنيسة (سانت جورج) تحولت بعد ذلك الى (متحف)
فيه الكثير من التماثيل المصنوعة من الشمع التي يشرف عليها الفرنسيون لغاية اليوم
وفي هذه الكنيسة جرت مراسم تشييع المس بيل
استمرت مدارس الراهبات باداء رسالتها التربوية على اكمل وجه
وبكفاءة وكانت (ادارة المدارس) تنقل الطالبات من جميع
مناطق بغداد بواسطة باصات صفراء اللون مكتوبٌ عليها (مدارس راهبات التقدِمة... وتعتبرالفترة
التي كانت فيها هذه المدارس تحت ادارة
المامير جان الفترة الذهبية لهذه المدارس
...
في
عام 1973 صدر قرار تأميم المدارس الاهلية لتكون المدارس ضمن ممتلكات وزارة التربية وتم تغيير اسم المدرسة الى (ثانوية العقيدة للبنات) وفُصلت المدارس فاصبحت الروضة باسم (الشقائق) والابتدائية (دجلة) والثانوية (العقيدة للبنات) .. واضيف لها عام 2005 بناء جديد
واضيف لهذا المجمع مدرسة رابعة سنة 2010 هي ثانوية
كلية بغداد للمتميزات ..
رفعت راهبات التقدمة
دعوى قضائية على وزارة التربية لإعادة المدرسة الى ادارة مباشرة من قبل الراهبات، لغرض
إعادة مكانة المدرسة العلمية في المجتمع العراقي.. وحسبما فهم فان الدعوى مازالت
في اروقة القضاء ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق