الخميس، 1 أبريل 2021

قضية الآداب الكبرى..قصة مقتل دلوعة المسرح المصري

ميمي شكيب واحدة من الرعيل الأول للسينما والمسرح  في مصر، من مواليد عام 1913 لعائلة ثرية من أصول شركسية درست في افضل المدارس الخاصة و إتقنت اللغتين الفرنسية والإسبانية، وكانت منذ طفولتها تتميز بالشقاوة والخفة والدلع.
عملت مع فرقة رمسيس ليوسف وهبي  وفرقة الريحاني المسرحية، و قدمت مسرحيات عدة أهمها  مسرحية  "الدلوعة "والتي حققت من خلالها نجاحًا كبيرًا، لذا، أُطلق عليها دلوعة المسرح.
دخلت "ميمى" مجال السينما عام 1934 بفيلم "ابن الشعب"،، وعرفت باداء  أدوار المرأة الارستقراطية، أو زوجة الأب الشريرة، ولها تجارب بسيطة في الكوميديا مع إسماعيل ياسين .. في نهاية الثلاثينات اشتهرت بعلاقتها برئيس الديوان الملكي أحمد حسنين باشا  و تدخلت الملكة نازلي (الأم) لأنهاء تلك العلاقة.. وهددتها بالقتل .. مما تسبب في طردها من فرقة نجيب الريحاني... ارتبطت بعدها بعلاقة حب مع الفنان "سراج منير" وتزوجا  وشكلت معه ثنائيا سينمائيا ناجحا لمدة 15 عاماً،حتى وفاته عام 1957اثر نوبة قلبية حادة ، لتقرر بعدها عدم الزواج نهائيا.
في النصف الثاني من الستينات عرفت ميمي شكيب بتنظيمها لعدد من الحفلات والسهرات في منزلها بحي الزمالك الشهير وكانت  تدعو فيها كبار رجال المجتمع من الفنانين والأدباء والسياسيين والوزراء ومستشارين للرئيس الى جانب كبار قيادات الجيش المصري وقتها ليتطور الامر الى انضمام  بعض القادة السياسيين من الدول العربية وسفراء ومبعوثين سياسيين ومنهم القائد الليبي عبد السلام جلود  وكانت تقوم بخدمتهم مضيفات كانت تختارهن ميمي بنفسها وبعناية شديدة، ليقمن بخدمة ضيوفها خلال الاحتفال، ورغم أن هذا قانوناً يندرج تحت مسمى الدعارة ويعاقب عليه القانون، الا أن سطوة رجال السياسة من ضيوف الحفل منعت البوليس من أن يداهم أي لقاء من هذا النوع واكتفى الأمن بالمراقبة اللصيقة لكل الضيوف وإعداد التقارير للعرض على القيادة العليا،وكانت التقارير تشير الى تسرب كثير من المعلومات والأخبار الهامة وأسرار على مستوى عالي من الأهمية والسرية في هذه الحفلات ..
بعد وفاة الرئيس عبد الناصر وتولى السادات السلطة مطلع السبعينات، ساءت علاقة مصر  بالزعيم الليبي معمر القذافي، والذي كان لا يرى السادات مؤهلا لخلافة  عبد الناصر وبعد حرب عام 1973 تحولت العلاقات الفاترة بين مصر وليبيا إلى عداوة صريحة، والسباب بين جدران القصور إلى هجاءاً علنياً على صفحات الجرائد وفي وسائل الاعلام وكان مصدر تسرب المعلومات هو حفلات ميمي شكيب، والتي كانت تضم كبار القادة الليبيين أمثال “عبد السلام جلود” والذي كان دائم التردد على مصر، وزبونا مستديما في حفلات ميمي شكيب...فاصدر  السادات اوامره لوزير داخليته بإنهاء نشاط حفلات ميمي شكيب حتى لا تكون مصدرا لما يقوله النظام الليبي عن مصر  بعد قطع العلاقات وانقطاع الأخبار والميديا من هناك. وكان التنفيذ في مساء يوم 23 كانون الثاني  عام 1974 حين داهمت قوة كبيرة من شرطة الآداب المنزل والقت القبض على ميمي شكيب وعدد كبير من  النساء والرجال بينهم عدد من مشاهير  الفنانات الشابات انذاك وسط تهديد من ميمي شكيب بأنها “هاتخرب بيتهم”.... وتولت النيابة التحقيق في اشهر قضية شهدتها مصر انذاك والتي عرفت بقضية "الرقيق الابيض "او قضية "الاداب الكبرى"..

وفي تموز  من نفس العام، وبعد ستة اشهر من التحقيقات والمحاكمات استمعت فيها المحكمة الى اقوال المتهمات واستمعت الى تسجيلات وتقارير مراقبة في جلسات سرية تم الأفراج عن ميمي شكيب وكل المتهمات معها في القضية لعدم كفاية الأدلة، حيث ادعت المحكمة انه لم يتم ضبط المتهمات في وضع التلبس المعروف في مثل تلك القضايا،وانه تم  القبض على المتهمين والمتهمات في مكان واسع وليس في غرف مغلقة وهم  بكامل ملابسهم وليسوا في وضع يسمح لهم ممارسة الفجور وكان ذلك كافيا للإفراج عن الجميع، واسدال الستار نهائيا على قضية “الرقيق الابيض” ..
عانت "ميمى" بعد خروجها من السجن من اضطرابات نفسية لما لاقته من السجينات من سباب واعتداء ، الأمر الذى دفعها لدخول مصحة نفسية للعلاج..، لتخرج بعد فترة طويلة من المصحة النفسية محطمة فقيرة لا تجد ما تتقوت به، فلجأت لنقابة المهن التمثيلية لصرف معاش استثنائي لها تستعين به على حاجتها، الى جانب معاش اخر من وزارة الثقافة اقره الرئيس السادات للفنانين بدون عمل، وظلت ميمي لفترة طويلة تعاني من ضيق العيش وقلة الأعمال الفنية حتى طلبها الفنان سمير صبري للعمل معه في فيلم ”السلخانة“عام 1982 والذي ضم فيه كل قدامى الممثلين أمثال يوسف بك وهبي وغيره، فكان اخر ظهور لها على الشاشة،
في 20 مايس عام 1983، وجدت "ميمى شكيب" ملقاة من شرفة شقتها بوسط البلد، ولم يعرف أحد مرتكب الجريمة، وأخذت الأحاديث تتردد وقتها، أن الأمر مدبر نتيجة القضية السابقة الشهيرةوالى اليوم وبعد مرور اكثر من  37 عام على  مقتل  ميمي شكيب  مازال  القاتل مجهولا، وقيدت القضية ضد مجهول. وسر القضية في طى الكتمان ليندفن معها كثير من أسرار أهل السياسة والفن، واسرار قضية “الرقيق الأبيض”..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...