الاثنين، 24 ديسمبر 2018

الزرادشتية

الزرادشتية هي ديانة  قديمة وفلسفة دينية تُنسب لمؤسسها زرادشت الذي عاش في حوالي عام 1000 قبل الميلاد وانتشرت في مناطق أذربيجان والهند وإيران الحالية، واصبحت الدين الرسمي  للإمبراطورية الفارسية حتى ظهور الإسلام. ووفق التعاليم الزرادشتية، فإن الجسد نجس لذا يجب أن لا يختلط مع عناصر الحياة الثلاثة الأخرى: الماء والتراب والنار حتى لا يلوثها. لذا  وفي حالات  الوفاة والتي تعتبر بداية متاهة الدخول الى العالم السفلي وبداية  الرحلة نحو الاخرة يتم نقل الجثمان  من قبل الناس بمعية الكهنة إلى اماكن خارج المدينة تسمى ابراج الصمت، ويوجه الميت بأتجاه الشمس و تعرى الجثة وتوضع على سطح المبنى الدائري الشكل والذي يكون محاطاُ بسياج مرتفع حتى لا يشاهد الناس الجثث وهي تتحلل، والسطح يتكون من ثلاث حلقات دائرية متداخلة، يوضع الأطفال في الحلقة المركزية من الدائرة، أما النساء فتمدد جثثهن في الحلقة الوسطى، بينما جثث الرجال تُوضع في الحلقة الخارجية، وتُترك الجثث لتنقض عليها النسور والطيور الجارحة لتمزقها والتي تتواجد بكثرة على سياج البرج كونها تعودت  على تناول لحوم الموتى في المكان، وتُترك الجثة قرابة السنة لتتحلل أجزائها بشكل كامل ولا يتبقى منها سوى العظام التي يجمعها الكهنة  فيما بعد و يضعوها في تجاويف خاصة لحفظ العظام موجودة داخل البرج و تحاط هذه التجاويف بالجير الذي يساعد على تحلل العظام خلال عدة سنوات... اما من يخالف هذه الطقوس و يقوم يدفن الجثة في الارض فأنه يعرض نفسه لعقاب  شديد وهو الضرب خمسمائة سوط وخمسمائة عصا، حسبما ورد في كتاب (الفنديداد) وهي اهم اجزاء (الاوستا) المقدسة لديهم ..
تنتشر ابراج الصمت في الدول التي انتشرت فيها الزرادشتية  خاصة الهند وإيران، كما يوجد برج صمت واحد في مدينة عدن باليمن ... ومازال زرادشتي الهند يمارسون هذه الطقوس ولحد يومنا هذا .. اما في ايران والتي يتوجد فيها عدد من ابراج الصمت خاصة في مدينة قزوين  فقد  توقف العمل بهذه الطقوس بعد منعها نهائيا في سبعينات القرن الماضي  وقد تقبل الزرادشتيون الامر لكون تعاليم زرادشت تقتضي على أتباعه ان يتكيفوا مع أي مجتمع يعيشون فيه..
في الدول العربية هناك تواجد نسبي للزرادشتية في شمال العراق  اضافة  تواجد كبير كان موجودا والى وقت قريب في اليمن .. وفي مدينة عدن بالتحديد .. ويعود الى ما قبل 300 سنة حيث هاجرت مجموعة من اتباع الزرادشتية من الهند   وصل عددهم الى 1500 شخص واستوطنوا في عدن  وعملوا في التجارة وشيدوا مباني كبيرة منها فندق (مارينا) ، كما كانت اغلب المصالح في المدينة  تعود اليهم كما كان للطائفة الزرادشتية معبد كبير في عدن يقيمون فيه طقوسهم بُني في عام 1883م ، لكنه هُدم لاحقاً وبُني على أنقاضه مسجد.... كما بنوا برجا للصمت يقع تحديداً فوق سفح جبل شمسان المعروف بهضبة عدن، تم بناءه ايام  الحكم البريطاني..
 عندما صدر قرار التأميم، بدأت الجالية الزرادشتية  في مغادرة عدن والعودة الى الهند  ، وفي مطلع الثمانينات تدخلت رئيسة وزراء الهند آنذاك ( أنديرا غاندي) لإقناع الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد بالموافقة  على نقل النار المقدسة  من عدن إلى الهند بناء على طلب رئيس الطائفة الزرادشتية في الهند .. وقد حصلت الموافقة ، وتم حمل النار ونقلها على باخرة ليتم إيداعها في الهند بمدينة “بونا” في المعبد الزرادشتي  هناك وعندما غادرت بقايا الجالية، كان عدد من مسؤولي الدولة في وداعهم، وأطلقوا 21 طلقة مدفعية تحية رسمية لهم وتكريماً لهم على دورهم في بناء المدينة وتطوير التعليم والصحة فيها. لتنتهي قصة الزرادشتية في اليمن ..
الصورة المرفقة هي لبرج الصمت الوحيد في اليمن...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

السنك

  تتفق اغلب  المصادر ان (السنك) كلمة تركية معناها (الذباب) وسبب تسميتها هو أن هذه المنطقة كانت  في الأصل (مزرعة بصل) فضلا عن زراعة أنواع الخ...