الاثنين، 10 ديسمبر 2018

رحلة السفينة دجلة

د. ثور هايردال عالم نرويجي ورحالة مغامر تخصص في علم الأعراق وصاحب فكرة اتصال الحضارات. ولد في 6 أكتوبر 1914 في مدينة لارفيك بالنرويج.. تخرج من جامعة أوسلوا بتخصص في علم الحيوان والجغرافيا. برزت شهرته بعد ان قام "برحلة الكونتيكي الاستكشافية" والتي قطع بها مبحراً على طوف مبني من خشب شجر البلسا مسافة 8000 كم عبر المحيط الهادئ، ابتداء من الساحل الغربي لأمريكا الجنوبية حتى وصل جزر تواموتو في بولينيزيا.. ، ليثبت  أن أصول الشعوب في جزر البولينيزيا هي من أمريكا اللاتينية نتيجة انتقالهم قبل 5,000 سنة على أطواف شبيهة بالكونتيكي أو على الأقل إثبات الاتصال بينهم
المشروع الاهم  كان تحت رعاية أستاذيه المشرفين على رسالة الدكتوراه التي كان  يعد لها وهما "كريستين بونيفي" و"هالمار بروك". وتضمن زيارة ودراسة بعض الجزر المعزولة في المحيط الهادئ ومحاولة اكتشاف كيفية وصول الحيوانات المحلية إلى هذه الجزر. وقد نشر تفاصيل الرحلة في كتابه الأول "البحث عن الجنة"عام 1938. ولكن قيام الحرب العالمية الثانية سبب في عدم توزيعه ونسيانه. فتم اعاده طبعة موسعا  في كتاب جديد أطلق عليه العودة للطبيعة
في منتصف السبعينيات صرح ثور هايردال " إن سكان جنوب العراق القدامى هم الذين إكتشفوا أمريكا قبل كريستوفر كولمبوس بما يقارب عن ألألفين سنة ، وهذا ما أريد أن أثبته عمليا ".
وبالفعل  فقد قام عام 1977 بالتعاون  مع مجموعة من سكان الاهوار  ببناء السفينة دجلة في محاولة للأبحار بها عن طريق شط العرب والخليج ثم بحر العرب والمحيط الأطلسي للوصول بها الى أمريكا.
استخدم هايدرل خمسة من  افضل صانعي القوارب من البردي وهم من قبيلة آيمارا من هنود امريكا الجنوبية وهم : باولينو .. ديمتريو .. خوان ..خوسيه اضافة الى  المترجم لويس سيفالو و  بدأ العمل ببناء السفينة دجلة  في منطقة القرنة  بالبصرة  واستخدم في بنائها  البردي  المقطوع من وسط  الهور  واستفاد كثيرا  من خبرة الشيوخ المسنين  ممن ولدوا وعاشوا حياتهم في تلك المنطقة والذين نصحوه باستخدام البردي المقطوع في شهر آب  كونه الافضل في هذا المجال .. كما تم استخدام الكثير من ابناء المنطقة المتخصصين في هذا المجال ..
بعد اكمال بناء السفينة  تم تشكيل طاقم الرحلة من احد عشر شخصا   هم ثور هايدرل ـ قائد الفريق ـ (النرويج) ، المستكشف الكابتن نورمان بيكر (الولايات المتحدة الامريكية ) ومتسلق الجبال الشهير وخبير الحبال كارلو ماوري (ايطاليا) ، الطبيب الدكتور يوري سنكافيج (اتحاد الجمهوريات الاشتراكيه السوفياتيه) ... عالم الآثار جيرمان كاراسكو (المكسيك) ،  المترجم الفنان رشاد نزار سليم (العراق ) و هو ابن أخ الفنان العراقي الكبير جواد سليم الخبير الفني والمصور نوريس بروك (الولايات المتحدة الامريكية ) ، والمصور المحترف تحت الماء الفنان تورو سوزوكي (اليابان) ، البحار الكابتن ديتليف زولتزيك (المانيا) ، والمساعد الفني ( الطالب ) اسبيورن دامهز (الدانمرك) ، والمساعد ( الطالب ) هانز بوهن (النرويج).
بعد توديع حافل لها في القرنة  أبحرت "دجلة" لأول مرة في مياه نهر دجلة ، ثم دخلت شط العرب  ومن ثم الى الخليج العربي ومضت عبر مضيق هرمز واجتازته بنجاح بالغ ، ودخلت الى خليج عمان ، ومضت في طريقها حسب الخطة المرسومة لها نحو الباكستان ، ثم غادرتها عائدة نحو بحر العرب،فاجتازته بنجاح بالغ ، ثم وصلت الى خليج عدن . وهناك منعت  السفينة من عبور باب المندب  نحو البحر الاحمر بسبب الاحداث في ارتيريا  والحرب القائمة في المنطقة ..والاساطيل المنتشرة هناك ..
سخرالعالم هايدرل في كتاباته من الموضوع  قائلا : هل صحيح  ان سفينة من القصب البردي العراقي تمّثل خطورة على الاساطيل وحاملات الطائرات ؟ ام هل ان السفينة دجلة لا يراد لها ان تعانق ارض الكنانة..
امام هذا الموقف كان على هايدرل  اتخاذ القرار الاصعب فالحكومة العراقية كانت تنظر الى الرحلة كدعاية سياسية وليس كحملة حضارية  وهذا ماكان واضحا في اجهزة الاعلام والصحف.. والسفينة ان بقت ، ستكون سببا في حدوث مشكلة بين العراق والنرويج.. اضافة الى بقاء السفينة بهذا الحال وسط السفن العسكرية سيصيبها بالعفونة وكان لابد من رسالة احتجاجية على منع السفينة من المرور  اولا ، وضد التوتر العسكري وسياسة المواجهة التي تعرّض حياة البشرية لخطر الفناء ثانيا .. لذا فقد قرر بالتشاور مع طاقمه حرق السفينة في عرض البحر امام انظار العالم كله اذ نقلت الكاميرات ذلك المشهد المؤلم الذي جرى قبالة شواطئ جيبوتي يوم 3 نيسان / ابريل 1978"..
متحف تيكي Tiki في النرويج ، والذي يحتفظ بعدد كبير من ادوات هايردال التي استخدمها في استكشافاته . اضافة الى  مجموعات نادرة من الصور الملونة عن السفينة " دجلة " وطاقمها
 توفي العالم النرويجي د. ثور هايردال في 18 /نيسان / 2002 في كوللا ميكيري بإيطاليا عن عمر 88 سنة بعد اصابته بمرض السرطان ..

هناك تعليق واحد:

مستشفى ابن البيطار .

  كان تشارلس هاوهي  رئيسا للحكومة الايرلندية   في ثمانينيات القرن الماضي  وتمتع بعلاقة شخصية مع السلطات في بغداد ايام  كان وزيرا للصحة حيث ع...